فإن قيل: فلماذا أنكرها الكليمُ عليه السلام؟

فالجواب: أنه لم يكن مطَّلعًا على السبب، وما مثله إلا مثل مَن يَعْمِد إلى رجلٍ معروف بالفضل فيقتله؛ لأنه يعلم أنه قَتَل أباه مثلًا، فإنّ كلَّ من رآه أو علم بأنه قتل هذا الفاضل ولم يعلم السبب ينكر عليه ويُشنّع ويستعظم هذا الفعل، مع أنه في الحقيقة حق، ولو اطلع على سببه لم ينكره.

وقد جاء في الحديث - ما معناه - أنّ رجلًا صلَّى الصبح مع رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم ثم قام يركع، فقال صلَّى الله عليه وآله وسلم: "آلصبح أربعًا؟ " فقال: يا رسول الله، إني لم أصلّ الركعتين قبل الصبح، فهما هاتان. فأقرّه على ذلك (?). وفي معنى هذا كثير.

[124] وانظر كيف أنكر موسى على الخضر ما ظنَّه منكرًا، وقال له أولًا: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} [الكهف: 71]. فنَسَب إليه أنه خرقها ليغرق أهلها، مع أن الواقع أن الخضر لم يخرقها ليُغرق أهلها وإنما خرقها لينفعهم، ولكن لما كان الظاهر أنه إنما خرقها ليغرق أهلها لم يتحاشَ موسى عليه السلام في نِسبته إليه بالاستفهام الإنكاري.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015