فصل (?)
سؤال المجتهد
كان العمل في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيما بعد من القرون الثلاثة أن يجيء القاصرُ فيسأل العالمَ، فيجيبه العالم بذكر الدليل من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله، ويفسِّره له، فيذهب السائل فيعمل بذلك. فإذا عرضتْ له قضية أخرى ذهب فسأل من لقيه من العلماء: الأولَ أو غيره، وهكذا. وهذا شيء لا خلافَ فيه، وعليه كان عمل الأئمة الأربعة رحمهم الله، فقد أسند البيهقي (?) إلى الربيع قال: سمعت الشافعي وسأله رجل عن مسألة فقال: رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال كذا وكذا، فقال له السائل: يا أبا عبد الله، أتقول بهذا؟ فارتعد الشافعي واصفرَّ وحالَ لونُه، وقال: ويحك! وأيُّ أرضٍ تُقِلُّني وأيُّ سماءٍ تُظِلُّني إذا رويتُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا ولم أقل به؟ نعم على العين والرأس، نعم على العين والرأس.
وقال الحميدي (?): سأل رجلٌ الشافعيَّ فأفتاه: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا، فقال الرجل: أتقول بهذا يا أبا عبد الله؟ فقال الشافعي رحمه الله: أرأيتَ في وسطي زُنَّارًا؟ أتراني خرجتُ من الكنيسة؟ أقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتقولي لي: أتقول بهذا؟ أروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أقول به؟!