وقريب من هذا الخامسة والسابعة. كان العامي في تلك العصور يعمل بما يبين له فهمه من الأدلة بدون توقف، ويرويه لغيره فيعمل به ذلك الغير بدون توقف.
وأما الصورة الثانية فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما سبق من التفصيل إن رأى مجالًا للاجتهاد اجتهد، وإلَّا انتظر الوحي، لأن الأدلة لم تكن قد أكملت. وأما أصحابه القريبون منه فيردُّون الأمر إليه، فيخبرهم أو يجتهد لهم أو ينتظر الوحي. وأما غيرهم فإن كانت النازلة تستدعي بيان الحكم حالاً تعين الاجتهاد، وإلّا فلا. وذلك لمن كان من الصحابة بعيدًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بعد وفاته، أو من علماء التابعين، وهكذا. فإن أداه اجتهاده إلى شيء فيها وإلَّا توقَّف.
وأما الصورة الرابعة فقد مضى بيانها في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما أصحابه فمن كان قريبًا منه - صلى الله عليه وسلم - أحال الأمر إليه، وأما غيرهم فإما أن لا يوجد في الجهة عالم غيره أو يوجد، وعلى كلٍّ إما أن تكون تلك النازلة تحتاج إلى البيان حالاً أو لا، فإن لم يوجد في الجهة غيره كمعاذ حين بعثه إلى اليمن وكانت النازلة تحتاج إلى البيان حالًا تعيَّن الاجتهاد، وإلّا فلا، بل هو جائز، ومن اجتهد فلم يظهر له شيء توقَّف.
وأما السادسة فإن كانت النازلة تستدعي بيان حكمها حالًا تعيَّن عليه استفتاء عالمٍ، وإلَّا فلا.
وأما الثامنة فلا يلزمه شيء مطلقًا، غير أنه لا يمتنع أن يستفتي عالمًا ثم يروي لصاحبه.