وقد قيَّد مالكٌ القعودَ المنهيَّ عنه بالقعود لقضاء الحاجة (?)، وذلك يحتاج إلى دليل، وظواهر الأحاديث تردُّه. والظاهر ما قاله الجمهور: إن العلة هي كراهية انتهاك حرمة القبر. ومما يؤيِّده حديث النسائي (?) وغيره بأمره صلَّى الله عليه وآله وسلم لصاحب السِّبْتيَّتَين أن لا يمشيَ بهما في المقبرة. وغيره كثير.
ونحن نوافق الأستاذ على تحذير الناس عن التبرك بالقبور وغيرِه مما ثبت النهيُ عنه، سواء أكان مع الجلوس عندها أو مطلق الحضور أو مع الغيبة، ولكنه لا يمنعنا ذلك أن نخالفه فيما فهمنا منه غير ما فهمه (?)، ومهما بلغَ من حُبِّنا للحق فلا ننصره إلّا بالحق. قال تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8].
واعتذرتُ من السائل عن الأمر الثالث، وهو الكلام على تلك المسائل، لقصور باعي [وغَيبة كتبي]، ولما لم يعذرني استعنتُ الله سبحانه وتعالى، وشرعتُ في كتابة ما يتيسَّر لي، مُرجئًا البسطَ إلى وقت آخر إن شاء الله.
****