تعلم يقينًا بطلانَهُ، كما جاء في حديث آخر أنه يلقي في خاطر الإنسان: "هذا اللهُ خلق الناسَ فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ " (?)، فإن الإنسان يخطر له خاطر وهو يعلم موقنًا أنَّ الله تعالى خالق كل شيء، وأنه لم يزل ولا يزال.
ويُحْكَى أنَّ رجلاً جاء إلى بعض العلماء، فقال له: إنَّ الشيطان قد أضرّ بي، يقول لي: قد طَلَّقْتَ زوجتك، قد طَلَّقْتَ زوجتك. فقال له العالم: أَوَ لَمْ تُطَلِّقْهَا وأنا شاهد؟ قال: لا، والله ما طلَّقتُها. فراجَعه في ذلك، فقال: اتَّقِ الله فِيَّ؛ فإنها والله زوجتي، والله ما طلَّقتها قطُّ. فقال له العالم: فإذا جاءك الشيطان فاحلف له كما حَلَفْتَ لي. هذا معنى القصَّة دون لفظها.
والذي عرض لأُبيًّ شيءٌ أَشَدُّ من هذا إذا حُمل الحديث على ما فهموه. وعندي أنَّ المعنى: فسقط في نفسي شيء من التكذيب ليس كالتكذيب إذ كنت في الجاهلية، أي بل دونه؛ فقد اتَّفق أهل اللغة على أنَّ قولهم في المَثَلِ: ماء ولا كصَدَّاء، معناه: هذا ماء جَيِّد، وليس كماء صَدَّاء في الجودة، بل دونه. وكذا قالوا في المثل الآخر: مَرْعىً ولا كالسَّعْدان (?). والحكايات التي ذكروها في أصل هذين المثلين صريحة في ذلك، والقواعد تقتضي ذلك.