عبد الله رأى في عنقي خيطًا، فقال: ما هذا؟ فقلت: خيط رُقِي لي فيه، قالت: فأخذه وقطعه، ثم قال: أنتم آل عبد الله أغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الرُّقى والتمائم والتِّوَلَه شركٌ"، فقلت: لم تقول هكذا؟ لقد [410] كانت عيني تقذف (?)، وكنت اختلف إلى فلانِ اليهوديِّ، فإذا رقاها سكنت، فقال عبد الله: إنما ذلك عمل الشيطان، كان ينخسها بيده، فإذا رقى كفَّ عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أذهب البأس ربَّ الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا". وسيأتي تخريج هذا الحديث وبسط الكلام عليه في بحث الرقى (?)، إن شاء الله تعالى.
قلت: وقد عظمت المصيبة بهذا الأمر، فتجد كثيرًا من أهل الخير والصلاح يُعْرِض عن كتاب الله تعالى والأذكار المأثورة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ويواظب على الأحزاب والأوراد المنقولة عن بعض المشهورين بالصلاح اعتمادًا على فضائل ومنافع ذُكِرت لتلك الأحزاب والأوراد، ولو استغنى بكتاب الله عزَّ وجلَّ وبالأذكار الثابتة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لكان خيرًا له؛ فإن الفضائل التي تُذكَر لتلك الأحزاب والأوراد ليست مما يُعتمَد عليه؛ لأنها من زعم رجلٍ من أفراد الأمَّة، ليست ثابتةً عن الله عزَّ وجلَّ ولا عن رسوله - صلى الله عليه وسلم -، على أنَّ كثيرًا منها ينكرها الشرع إذا عرفتَ حقيقة الشرع، ولبعضها هيئاتٌ تدخل في البدع المنكرة، ولعلَّك إذا تدبَّرت رسالتي هذه علمتَ أن الأمر أشدُّ من ذلك، والله المستعان.