وفي قصَّة أيُّوب النبيِّ عليه السلام ما يعينك على فهم ما قدَّمناه.
والمقصود ها هنا أن الدين كما يعرِّفه أهل العلم: "وضعٌ إلهي سائقٌ لذوي العقول إلى ما فيه صلاح معاشهم ومعادهم" (?)، وشرعه خاصٌّ بالله تعالى.
وأما ما جاء في بعض الآثار مما يوهم أن للنبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلم أن يشرع فليس على حقيقته، ولكن الله تعالى ربَّما يخيِّر رسوله صلَّى الله عليه وآله وسلم في أمرٍ بعينه ويُعلِمه أنه إذا اختار أن يكون شرعًا لأمته فقد شرعه الله عزَّ وجلَّ، وهذا كما في حديث الحجِّ، إذ قال صلَّى الله عليه وآله وسلم: "أيُّها الناس، قد فرض الله عليكم الحجَّ فحُجُّوا"، فقال رجلٌ: أكلَّ عامٍ يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم: "لو قلت: نعم [407] لوجبت" الحديث (?)، وكما في الحديث الآخر: "لولا أن أشقَّ على أمَّتي لأمرتهم بالسواك عند كلِّ صلاةٍ" (?).
وقد أكمل الله الدين، وأتمَّه في حياة رسوله صلَّى الله عليه وآله وسلم، ونزل في عصر يوم النحر (?) من حجَّة الوداع قُبَيل وفاة النبيِّ صلَّى الله عليه