ذكر الأبيات، وكل من (عيدي بن ندغي) و (الإبل العيدية) لا نزاع أنه بتحتية بين مهملتين، وكنت رأيت أن هذا الضبط من كلام عمارة نفسه فيكون نصًّا قاطعًا لأنه صاحب هذا الأديب، ثم قلت: إن لم يكن من كلام عمارة فهو من كلام ياقوت، ثم لما تأملت العبارة رابني فيها أن قوله: (وهو القائل) غير متصل بما بعده، وأن قوله: "وأشار بعضهم يقول" عبارة ركيكة لا تليق بعمارة ولا ياقوت، وأن الأبيات هي لذاك الأديب الأبيني نفسه كما في "خريدة القصر" وغيرها, ولو أنك حذفت ما بين (وهو القائل) والأبيات وقلتَ: "وهو القائل: ليت ساري المزن من وادي منى ... "؛ لوجدت العبارة مستقيمة. فأخشى أن يكون هذا هو الأصل وأن بعضهم كتب بهامش بعض النسخ حاشية قوله: "منسوب إلى قبيلة ... الإبل العيدية" فجاء آخر فأدرج هذه الحاشية في المتن وزاد من عنده قوله: "وأشار بعضهم يقول" ليصل العبارة بما بعدها. غير أن موافقة هذا الضبط "للتوضيح" تدل أن له أصلاً متينًا.
الوجه الثالث: (العَيْذي) بمهملة فتحتية فمعجمة كذا وقع في "تكملة ابن الصابوني" ص92 في رسم (الخلي) ولفظه بعد أن ذكر أبا الربيع سليمان بن محمد الخلي وأنه سأله عن مولده فذكره وأنه بخلة قرية قبْلي عدن "حدثنا أبو الربيع .. الخلي ... من لفظه بدمشق قال: أنبأنا عبد الله بن محمد بن يحيى الإسحاقي بعدن قال: كنت يومًا عند الأديب أحمد بن محمد العيذي بعد أن عمي ... " وهكذا نقلت هذه العبارة عن التكملة في التوضيح وعلى كلمة (العيذي) "صح". فهذا يدل أنها بهذا النقط صحيحة عن ابن الصابوني، وهو روى هذه الحكاية عن عالم عدني عن آخر كذلك من أصحاب هذا الأديب نفسه، فيبعد أن تكون خطأ.