وقال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا [348] قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: 48 - 50].
قوله سبحانه: {وَمَنْ أَضَلُّ} استفهام إنكاري، معناه: لا أحد أضل، كما قاله المفسرون وغيرهم. وإذا لم يكن أحد أضل من هذا فهو مشرك لأنه لو لم يكن مشركًا لكان المشرك أضلَّ منه؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48، 116].
قد تقدَّم في الكلام على وجوب الوجود ثُمَّ في المقدمة الثانية [349] لتفسير آيات النجم من فصل الملائكة ما لا غنى بك عنه في هذا الباب فراجعه.
وقد علمت أنَّ أوَّل مَن عبد الأصنام قومُ نوح، وقد تقدَّم أثر البخاري عن ابن عباس في أصل ذلك (?)، وفي معناه آثار أخرى، انظرها في الدُّرِّ المنثور أو في روح المعاني، وحاصلها: أنَّ ودًّا وسواعًا ويغوث ويعوق ونسرًا كانوا رجالاً صالحين؛ فلما ماتوا جعلت لهم تماثيل وسمِّيت