تواريخ، وهذا الصنف عظيم الفائدة، غزير المادة؛ لأنّ صاحبه يحاول الاستيعاب، فيوجد في ذلك من التراجم والمواد ما لا يكون له في التواريخ العامة عين ولا أثر، والمحقّقون في هذا العصر وما قبله يرجحونه على التواريخ العامة؛ لأنّ مؤلف تاريخ البلد يغلب أن يكون من أهله فهو أدرى بأحوال أهله من غيرهم، وكثير منهم هم شيوخه وأقرانه، جالسهم وسبر أحوالهم كما يجب، فإذا أخبر عنهم أخبر عن مشاهدة وخبرة وتحقيق، وبذلك يعظُم الوثوق بما يحكيه، ويؤمَن الغلط فيما يرويه.

ومع الأسف لم يُطبع من هذا الصنف إلا ما لا يُكاد يذكر بالنسبة إلى ما بقي، طُبع "تاريخ بغداد" للخطيب وبقيت ذيوله، فلكل من ابن السمعاني وابن النجار ذيل عليه، ولكل من ابن الدّبيثي (?) والعماد ابن حامد ذيل على ذيل السمعاني، ولكلّ من التقي ابن رافع وأبي بكر المارستاني ذيل على ذيل ابن النجار وهلمّ جرّا. وطبعت أجزاء مقتضبة من "تاريخ دمشق" لابن عساكر أضاع المختصر أكثر المهمات العلمية من الكتاب، فأين "ذيول تاريخ بغداد"، وأين "تاريخ دمشق" (?)، وأين تواريخ حلب (?)، وأين تواريخ البصرة والكوفة مهد العلم والعلماء في القرون الأولى، وأين تواريخ بلدان خراسان وما وراء النهر، وغيرها مثل مرو ونيسابور وهراة والري وهَمَذان وبخارى وأصبهان (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015