ومع أن الشيخ اشتغل بالتحقيق مدة طويلة تزيد على الأربعين عامًا، وصار متمرّسًا في هذه الصناعة، إلا أن كتابة المقدّمات كانت تثقل عليه، وقد صرّح بذلك في مقدمة تحقيق كتاب "الأنساب" بعد أن كان يأمل أن يقوم أحد منسوبي دائرة المعارف العثمانية بكتابتها - وقد شاركوه في مقابلة بعض نسخها - قال: "وأنا مع كثرة اشتغالي أستثقل كتابة المقدمات، وأراها مما لا أحسنه ... " (?). أما الاستثقال فنعم، وأما الأخير فمِن تواضع الشيخ المعهود.
وقد كَشَفت لنا هذه المقدمات وما معها جانبًا مهمًّا في حياة الشيخ الاجتماعية وعلاقاته الثقافية، فذكر فيها بعض أصدقائه ومعارفه من العلماء والمثقفين، وما كان بينهم من أواصر الودّ والتعاون العلمي (?).
وقد اعتمدت في إخراج هذه المقدمات وما تَبِعها على الطبعات الأولى لتلك الكتب، وقد أصلحتُ ما وقع فيها من خطأ أو نحوه مع الإشارة إلى ذلك في الهامش.
غير أن تقريظ الشيخ لـ "مسند الصحيحين" لم يكن قد طبع من قبل، ووقفتُ على أصله عند شيخنا عبد الوكيل بن عبد الحق الهاشمي في ورقة واحدة، مكتوبة بالمداد الأزرق، وبها بعض التمزّق من وسطها, لكنه لم يؤثر على نصها، وتفضّل شيخنا فصوّر إلى نسخة منها جزاه الله خيرًا.