إبراهيم، لم يطلب زيادة عليه تصريحًا، لكن أومأ إليه بذكر هاتين اللفظتين؛ لأن المجد في اللغة الزيادة والكثرة، تقول العرب: في كلَّ شجرة نار واستمجد المرخ والعفار".
أقول: لا أرى هذا جيّدًا؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكرم من أن يدع أمرًا تأدُّبًا ثم يرجع فيه. وما أشبه هذا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما كان لنبي أن تكون له خائنة الأعين" (?).
نعم، قد يقال: ليس طلب الزيادة بمخلًّ بالأدب في نفس الأمر بالنسبة إلى مقام الأنبياء عليهم السلام، فقد نزَّههم الله عزَّ وجلَّ عن الحسد، فلا يتأذّى أحدهم بطلب غيره زيادةً عليه، ولا سيّما بعد الموت والخروج من الدنيا، فإن نفوس أفراد المؤمنين تتطهَّر من مثل هذا، فضلاً عن الأنبياء عليهم السلام، ولا سيّما خليل الرحمن مع ولده محمد - صلى الله عليه وسلم -. ولكن خشي محمد - صلى الله عليه وسلم - من التصريح بطلب الزيادة أن يفهم بعضُ الناس من ذلك نقصًا في رتبة إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
فَترَكَ التصريح بذلك، وأشار إليه، على ما هو المشروع للإنسان من علوّ الهمة، وأن يوسع رغبته في فضل الله تعالى بقدر الإمكان. وقد قيل: القناعةُ من الله حرمان.