قال سعيد بن المسيب لغلامه: لا تكذب عليَّ كما يكذب عكرمة على ابن عباس (?).

ويحتمل أن يكون التشبيه في المقدار. ولا يلزم منه أفضلية ولا مساواة. فلو أنّ ملكًا أمرك أن تسأله حاجة، فقلتَ له: أعطني كما أعطيت فلانًا؛ لم يلزم من هذا أنّك تعتقد مساواته لك، وإنّما أردت بيان المقدار. على أنّه لو فرض إشعار ذلك بالمساواة، فلا بدع؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "نحن أحقُّ بالشكّ من إبراهيم" (?).

وقال له رجل: يا خير البرية. فقال: "ذاك إبراهيم" (?). إلى غير ذلك مما بينّاه في مبحث التفضيل بين الأنبياء عليهم وآلهم الصلاة والسلام (?).

وأبلغ من هذا: تأدب النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أراد أن يربط الشيطان الذي تفلَّت عليه في الصلاة حتى يراه الناس، ثم ذكر دعوة أخيه سليمان: رب {هَبْ لِي (?) مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35]، فترك ذلك تأدبًا مع سليمان - عليه السلام -, مع أنّ ربط الشيطان إنّما هو شيء يسير من ملك سليمان، لا يلزم منه مخالفة لدعوته، كما هو ظاهر، ولكنّه - صلى الله عليه وسلم - رأى أنّ مثل هذا ربما يكون فيه إيهام لذلك (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015