قال الحافظ في "الفتح": وقيل: المراد بالغرانيق العلى: الملائكة، وكان الكفار يقولون: الملائكة بنات الله ويعبدونها، فسبق ذكر الكل ليرد عليهم بقوله تعالى: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى}، فلما سمعه المشركون حملوه على الجميع وقالوا: قد عظَّم آلهتنا ورضوا بذلك، فنسخ الله تلك الكلمتين وأحكم آياته (?).
أقول: أمَّا أنَّ تلك الكلمات كانت من القرآن فيُبطله قوله تعالى: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} فبيَّن أنَّ تلك الكلمات - إنْ صحَّت - من إلقاء الشيطان، ولكن قد يجوز أن يكون النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قال كلماتٍ أثنى بها على الملائكة، وقد أثنى الله تعالى على الملائكة في مواضعَ كقوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} الآيات [الأنبياء: 26].
فإن قيل: وكيف يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - كلمات ألقاها الشيطان؟
قلت: قد يكون الشيطان وسوس لبعض الناس أن يشير على النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه إذا قرأ آيات النجم ينبغي أن يخبرهم بكلماتِ يثني بها على الملائكة حتى لا يتوهَّم المشركون أنه يشتم الملائكة فرأى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنه ليس في ذلك محذور فقاله، واغتنم الشيطان ذلك فوسوس للمشركين أن يحملوا تلك الكلمات على خلاف ما أراد النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم.
[317] وفي تفسير ابن جرير عن محمَّد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس ذكرا القصة إلى أن قال: فرضُوا بما تكلَّم به وقالوا: قد عرفنا أنَّ الله