ظنُّوا أنَّ الصنم والشجرة أهلٌ لأن يُخضع لهما طلبًا للنفع ممن يُخضع لهما لأجله، وهو الله عزَّ وجلَّ، ومستندُهم في ذلك الرأيُ، وإنما طَلَب أولئك من موسى وهؤلاء مِنْ محمَّد عليهما الصلاة والسلام لكونهما الرئيسين؛ ولم يقصدوا بذلك أنْ يسألا الله عزَّ وجلَّ أن يجعل لهم [س 149/ ب] ذلك اعتقادًا أنَّ الجماد لا يستحقُّ التعظيم طلبًا للنفع الغيبِيِّ إلاَّ إذا أمر الله عزَّ وجلَّ بذلك.
وقوم نوح زعموا في الرجال الصالحين أنهم أهلٌ لأن يُخضعَ لهم طلبًا لشفاعتهم إلى الله عزَّ وجلَّ، ومستندُهم في ذلك الرأيُ.
والدليل على هذا أنهم خضعوا لهم بأشياء اخترعوها بآرائهم، كالخضوع لتماثيلهم، ولو كانوا يرون أنهم إنما يستحقون الخضوع لهم لأنَّ الله تعالى أمر به، لما خضعوا لهم إلاَّ القدر (?) الذي أمر الله به.
ومثلُهم قوم هود وقوم صالح والمصريُّون في الأشخاص الغيبيِّين الَّذين زعموهم وزعموا أنهم هم الملائكة كما تقدم، وكذا قوم فرعون زعموا أنَّ مَلِكَهم أهلٌ لأن يُخضع له طلبًا للشفاعة إلى الله عزَّ وجلَّ من الملائكة؛ لأنه محبوب عندهم بدليل أنهم شفعوا له إلى الله عزَّ وجلَّ حتى جعله مَلِكًا.
وكذا النصارى في شأن مريم عليها السلام، وكذا مشركو العرب في الإناث الخياليَّات التي زعموا أنها بنات الله وأنهُنَّ هنَّ الملائكة.
والنصارى زعموا أن عيسى عليه السلام أهلٌ لأن يُعظَّم طلبًا للنفع الغيبي منه أو من الله الذين يقولون إنه أبوه بواسطة شفاعته.