عرفوا شدة جأشه وقوة جنانه، وهو يقول:
ألا من مبلغٌ فتيان فهمٍ ... بما لاقيت عند رحا بطان
فإني قد لقيت الغول تهوي ... بسهبٍ كالصّحيفة صحصحان
فقلت لها: كلانا نضو دهرٍ ... أخو سفرٍ فخلّي لي مكاني
فشدّت شدّةً نحوي فأهوى ... لها كفّي بمصقولٍ يمان
فأضربها بلا دهشٍ فخرّت ... صريعاً لليدين وللجران
فقالت: عد! فقلت لها: رويداً ... مكانك إنّني ثبت الجنان
فلم أنفكّ متّكئاً لديها ... لأنظر مصبحاً ماذا أتاني
إذا عينان في رأسٍ قبيحٍ ... كرأس الهرّ مشقوق اللّسان
وساقا مخدجٍ وشواة كلبٍ ... وثوبٌ من عباءٍ أو شنان
قرية بينها وبين بيت المقدس ثلاة أيام في طرف البحيرة المنتنة، وزغر اسم بنت لوط، عليه السلام، نزلت بهذه القرية فسميت باسمها، وهي في واد وخم ردي في أشأم بقعة، يسكنها أهلها بحب الوطن، ويهيج بهم الوباء في بعض الأعوام فيفني جلهم.
بها عين زغر وهي العين التي ذكر أنها تغور في آخر الزمان، وغورها من اشراط الساعة، جاء ذكرها في حديث الجساسة؛ قال البشاري: زغر قتالة للغرباء، من أبطأ عليه ملك الموت فليرحل إليها، فإنه يجده بها قاعداً بالرصد، وأهلها سودان غلاظ، ماؤها حميم وهواؤها جحيم، إلا أنها البصرة الصغرى والمتجر المربح، وهي من بقية مدائن قوم لوط، وإنما نجت لأن أهلها لم يكونوا آتين بالفاحشة.