المؤمنين خذ أنت ها هنا حتى آخذ أنا ها هنا؛ فولى عمر نحو ناحية مكة وساق أويس إبله، فأتى القوم بإبلهم وخلى الرعاية وأقبل على العبادة.
وحكي أن أويساً إذا خرج يرميه الصبيان بالحجارة، وهو يقول: إن كان لا بد فبالصغار حتى لا تدموا ساقي فتمنعوني من الصلاة. وحدث عبد الرحمن ابن أبي ليلى أنه نادى يوم صفين رجل من أهل الشام: أفيكم أويس القرني؟ قلنا: نعم! ما تريد منه؟ قال: إني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: أويس القرني خير التابعين بإحسان. وعطف دابته ودخل مع أصحاب علي فنادى مناد في القوم: أويس! فوجد في قتلى علي، كرم الله وجهه.
ومنها أبو عبد الله وهب بن منبه، وكان الغالب عليه قصص الأنبياء وأخبار القرون الماضية والوعظ؛ قال: قرأت في بعض الكتب أن منادياً ينادي من السماء الرابعة كل صباح: أبناء الأربعين زرع قد دنا حصاده! أبناء الخمسين ماذا قدمتم وماذا أخرتم؟ أبناء الستين لا عذر لكم! ليت الخلق لم يخلقوا وإذا خلقوا علموا لماذا خلقوا. قد أتتكم الساعة فخذوا حذركم؛ قال منعم بن ادريس: إن وهب بن منبه صلى أربعين سنة صلاة الفجر بوضوء العشاء. مات سنة أربع عشرة ومائة.
هذا آخر ما عرفناه من الإقليم الأول.