أنها دالة على الكائنات المستقبلة، وما تنذر به تلك الجواهر من الآثار والحوادث قبل كونها، وظهور أصوات من أعاليه وما كان يلحقهم عند سماع ذلك! حكى أحمد بن فضلان لما أرسله المقتدر بالله إلى ملك الصقالبة، وقد أسلم، حمل إليه الخلع. وذكر من الصقالبة عادات عجيبة منها ما قال: دخلنا عليه وهو جالس على سرير مغشى بالديباج، وزوجته جالسة إلى جانبه، والأمراء والملوك على يمينه، وأولاده بين يديه، فدعا بالمائدة فقدمت إليه وعليها لحم مشوي، فابتدأ الملك: أخذ سكيناً فقطع لقمة أكلها ثم ثانية ثم ثالثة ثم قطع قطعة دفعها إلي، فلما تناولتها جاؤوا بمائدة صغيرة ووضعت بين يدي، وهكذا ما كان أحد يمد يده إلى الأكل حتى أعطاه الملك، فإذا أعطاه الملك جاؤوا له بمائدة صغيرة وضعت بين يديه، حتى قدم إلى كل واحد مائدة لا يشاركه فيها أحد. فإذا فرغوا من الأكل حمل كل واحد مائدته معه إلى بيته.

ومنها أن كل من دخل على الملك من كبير أو صغير حتى أولاده وإخوته، فساعة وقوع نظرهم عيه أخذ قلنسوته وجعلها تحت إبطه، فإذا خرج من عنده لبسها، وإذا خرج الملك لم يبق أحد في الأسواق والطرقات إلا قام وأخذ قلنسوته من رأسه وجعلها تحت إبطه، حتى إذا جاوزهم تقلنسوا بها.

ومنها أنه إن رأوا أحداً عليه سلاحه وهو يبول أخذوا سلاحه وثيابه وجميع ما معه، وحملوا ذلك على جهله وقلة درايته، ومن جعل سلاحه ناحية حملوا ذلك على درايته ومعرفته ولم يتعرضوا له.

ومنها ما ذكر أنه قال: رأيت الرجال والنساء ينزلون في النهر ويغتسلون عراة، لا يستتر بعضهم من بعض ولا يزنون البتة. والزنا عندهم من أعظم الجرائم، ومن زنى منهم كائناً من كان ضربوا له أربع سكك وشدوا يديه ورجليه إليها، وقطعوا بالفأس من رقبته إلى فخذيه، وكذلك بالمرأة، ويفعلون مثل ذلك بالسارق أيضاً.

ومنها ما ذكره أبو حامد الأندلسي أن أحدهم إذا تعرض لجارية الغير أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015