زيتونتان يلقيها على ذلك الطلسم، فزيت أهل رومية وزيتونهم من ذلك؛ قالوا: هذا من عمل بليناس صاحب الطلسمات. وعلى هذا الطلسم أمناء وحفظة من قبل الملك، وأبواب مختومة فإذا ذهب أوان الزيتون وامتلأ الصحن من الزيتون يجتمع الأمناء، ويعطي الملك البطارقة منه ومن يجري مجراهم على قدرهم، ويجعل الباقي لقناديل الكنيسة. وهذه القصة، أعني طلسم الزيتون، رأيتها في كتب كثيرة قلما تترك في شيء من عجائب البلاد.

وقد روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: من عجائب الدنيا شجرة برومية من نحاس، عليها صورة سودانية، في منقارها زيتونة، فإذا كان أوان الزيتون صفرت فوق الشجرة، فيوافي كل طير في تلك الأرض من جنسها ثلاث زيتونات في منقاره ورجليه، ويلقيها على تلك الشجرة فيعصرها أهل رومية فتكفيهم لقناديل بيعهم وأكلهم جميع الحول.

وبها طلسم آخر وهو أنه في بعض كنائسهم نهر يدخل من خارج المدينة، وفيه من الضفادع والسلاحف والسرطانات شيء كثير، وعلى الموضع الذي يدخله الماء من الكنيسة صورة صنم من حجارة، في يده حديدة معتقة كأنه يريد أن يتناول بها شيئاً من الماء، فإذا انتهت إليه هذه الحيوانات المؤذية رجعت ولم يدخل الكنيسة شيء منها البتة.

وهذه كلها منقولة من كتاب ابن الفقيه، وهو محمد بن أحمد الهمذاني، وأعجب من هذه كلها أن مدينة هذه صفتها من العظم ينبغي أن تكون مزارعها وضياعها إلى مسيرة أشهر، وإلا لا يقوم بميرة أهلها. وذكر قوم من بغداد أنهم شاهدوا هذه المدينة قالوا: انها في العظم والسعة وكثرة الخلق مما يقارب هذا، والذي لم يرها يشكل عليه.

وحكي أن أهل رومية يحلقون لحاهم ووسط هاماتهم، فسئلوا عن ذلك فقالوا: لما جاءهم شمعون الصفا والحواريون دعوهم إلى النصرانية، فكذبوهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015