فلما أيسوا من أمنهم تأهبوا للقتال وقالوا: نحن كلنا مقتولون فلا نقتل إلا في المعركة بعدما قتل كل منا بدله! فركبوا برجالهم ونسائهم وحملوا على المسلمين حملة رجل واحد، وكشفوهم كشفاً قبيحاً وهزموهم، وأخذوا السلطان ودخلوا بلاد خراسان وخربوها، ونهبوا وسبوا. وكان ذلك سنة ثمان وأربعين وخمسمائة والسلطان بقي في أسرهم سنة ثم هرب.

وحكى مسعر بن مهلهل أن لهم مدينة من الحجارة والخشب والقصب، ولهم بيت عبادة، ولهم تجارات إلى الهند والصين. ومأكولهم البر ولحم الغنم، وملبوسهم الكتان والفراء.

بها حجر أبيض ينفع من القولنج، وحجر أحمر إذا أمر على النصل لم يقطع شيئاً. وبلادهم مسيرة شهر واحد.

بلاد كيماك

هم قوم من الترك، بلادهم مسيرة خمسة وثلاثين يوماً، وبيوتهم من جلود الحيوان. مأكولهم الحمص والباقلى ولحم الذكران من الضأن والمعز، ولا يأكلون الاناث. بها عنب نصف الحبة أبيض ونصفها أسود، وبها حجارة يستمطر بها متى شاؤوا. وعندهم معادن الذهب في سهل من الأرض يجدونه قطاعاً. وعندهم الماس يكشف عنه السيل. وعندهم نبات ينوم ويخدر.

وليس لهم ملك، ولا بيت عبادة. ولهم قلم يكتبون به. ومن يجاوز منهم ثمانين سنة عبدوه إلا أن يكون به عاهة.

بها جبل يسمى منكور، به عين في حفرة، قال أبو الريحان الخوارزمي في كتابه الآثار الباقية: إن هذه الحفرة مقدار ترس كبير، وقد استوى الماء على حافاتها، فربما يشرب منه عسكر كثير لا ينقص مقدار إصبع، وعند هذه العين صخرة عليها أثر رجل إنسان، وأثر كفيه بأصابعهما وأثر ركبتيه كأنه كان ساجداً، وأثر قدم صبي وحوافر حمار. والأتراك الغزية يسجدون لها إذا رأوها لأنهم نصارى، ينسبونه إلى عيسى، عليه السلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015