النصرانية بساحل الشام مع إحاطة المسلمين من جميع الجوانب والبحر بينهما وبين المدد من الإفرنج.

قال العذري في وصف الأندلس: إنها شامية في طيبها وهوائها، يمانية في اعتدالها واستوائها، هندية في أفاويهها وذكائها، اهوازية في عظم اجتنائها، صنفية في جواهرها، عدنية في سواحلها.

بها آثار عجيبة وخواص غريبة تذكر في مواضعها.

وبها البحر الأسود الذي يقال له بحر الظلمات، محيط بغربي الأندلس وشماليه، وفي آخر الأندلس مجمع البحرين الذي ذكره الله في القرآن. وعرض مجمع البحرين ثلاثة فراسخ، وطوله خمسة وعشرون فرسخاً، وفيه يظهر المد والجزر، في كل يوم وليلة مدان وجزران، وذلك ان البحر الأسود عند طلوع الشمس يعلو ويفيض في مجمع البحرين، ويدخل في بحر الروم، وهو قبلى الأندلس وشرقيها، ولونها أخضر ولون البحر أسود كالحبر. وإذا أخذته في الإناء لا ترى فيه السواد، فلا يزال البحر الأسود يصب في البحر الأخضر إلى الزوال، فإذا زالت الشمس عاد الأمر معكوساً فيصب البحر الأخضر في البحر الأسود إلى مغيب الشمس، ثم يعلو البحر الأسود ويفيض في البحر الأخضر إلى نصف الليل، ثم ينعكس الأمر فيعلو البحر الأخضر ويصب في البحر الأسود إلى طلوع الشمس، وهكذا على التواتر، ذلك تقدير العزيز العليم؛ وسئل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن ذلك فقال: ملك على قاموس البحر إذا وضع رجله فيه فاض وإذا رفعها غاض.

وبها جبل فيه غار لا يرى أحد فيه النار، وإذا أخذت فتيلة مدهونة وشدت على رأس خشبة طويلة وأدخلت الغار، اشتعلت الفتيلة وتخرج مشتعلة.

وبها جبل بقرب الجبل الذي سبق ذكره، ترى على قلته النار مشتعلة بالليل، وبالنهار يصعد منه دخان عظيم.

وبها جبل عليه عينان بينهما مقدار شبرين، ينبع من إحداهما ماء حار ومن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015