مدينة عظيمة ببلاد النوبة، ممتدة على ساحل النيل، طولها مسيرة ثمانين ليلة وعرضها قليل، وهي منزل ملكهم كابيل، وأهلها نصارى يعاقبة، أرضهم محترقة لغاية الحرارة عندهم، ومع شدة احتراقها ينبت الشعير والحنطة والذرة. ولهم نخل وكرم ومقل وأراك. وبلادهم أشبه شيء باليمن، وبيوتهم أخصاص كلها، وكذلك قصور ملكهم.
وأهلها عراة مؤتزرون بالجلود، والنمر عندهم كثيرة، يلبسون جلودها، والزرافة أيضاً وهي دابة عجيبة منحنية إلى خلفها لطول يديها وقصر رجليها، وعندهم صنف من الإبل صغيرة الخلق قصيرة القوائم.
مخلاف باليمن، وقال محمد بن السائب: حكى لنا رجل من ذي الكلاع أن سيلاً أقبل باليمن، فخرق موضعاً فأبدى عن أزج، فإذا فيه سرير عليه ميت عليه جباب وشي مذهبة، وبين يديه محجن من ذهب في راسه ياقوتة حمراء، وإذا لوح فيه مكتوب: بسم الله رب حمير، أنا حسان بن عمرو القيل، حين لا قيل إلا الله، مت زمان خرهيد وماهيد هلك فيه اثنا عشر ألف قيل، وكنت آخرهم قيلاً، فأتيت ذات الشعبين ليجيرني فأجفرني، قالوا: لعل كان ذلك وقت الطاعون، فمات من مات لفساد الهواء، فأتى حسان ذات الشعبين ليكون الهواء فيه أصح، بسبب هبوبها من الشعبين، فيسلم من الطاعون وما سلم.
مدينة ببلاد اليمن، حكى أبو الربيع سليمان الزنجاني: انه شاهد ذمار، ورأى على مرحلة منها آثار عمارة قديمة، قد بقي منها ستة أعمدة من رخام،