أصفهان تعصبوا عليه ومنعوه من الجامع، فبعث السلطان محمود إليهم والياً فوثبوا إليه وقتلوه، فذهب السلطان إليهم بنفسه وآمنهم حتى اطمأنوا ثم قصدهم يوم الجمعة، وأخذ أبواب الجامع وقتل فيهم مقتلة عظيمة. فمن كان في الجامع قتل والحافظ أبو نعيم كان ممنوعاً من الجامع فسلم.

وينسب إليها صدر الدين عبد اللطيف الخجندي. كان رئيساً مطاعاً في أصفهان عالماً واعظاً شاعراً، يهابه السلاطين ويتبعه مائة ألف مسلح: محمد بن ايلدكز أتابك السلجوقية أخذه معه لا يخليه يرجع إلى أصفهان مدة مديدة، لأنه ما أراد أن يقبض عليه ظاهراً، ولا أن يخليه لأنه يخاف شره، فكان يستصحبه فاتخذ يوماً مجلس الوعظ وأتابك حاضر في ملجس وعظه، وله ابنان صغيران واقفان بين يديه، فصدر الدين شاهد ذلك على المنبر فاتخذ الفرصة وأنشد:

شاه با بندكان جفا نكند ... وركند رحمتش رها نكند

عدل خسرو كجا بديد آيد ... در جهان كركسي خطا نكند

هر كرا طفلكان خرد بود ... بدر از طفلكان جدا نكند

بكى أتابك بكاء شديداً، وكان ملكاً عادلاً رحيماً، رحمه الله. وتوفي صدر الدين في شوال سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة.

ذكر أن أهل أصفهان موصوفون بالشح. نقل عن الصاحب أبي القاسم بن عباد، وزير مجد الدولة من آل بويه، انه كان يقول لأصحابه إذا أراد دخول أصفهان: من له حاجة فليسأل قبل دخول أصفهان، فإني إذا دخلتها وجدت في نفسي شحاً لم أجد في غيرها! حكى رجل أنه تصدق برغيف على ضرير بأصفهان فقال الضرير: أحسن الله غربتك! فقال الرجل: كيف عرفت غربتي؟ قال: لأني منذ ثلاثين سنة ما أعطاني أحد رغيفاً صحيحاً!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015