مدينة بآذربيجان حصينة طيبة التربة، عذبة الماء، لطيفة الهواء، في ظاهرها وباطنها أنهار كثية، ومع ذلك فليس بها شيء من الأشجار التي لها فاكهة. والمدينة في فضاء فسيح وأحاط بجميع ذلك الفضاء الجبال بينها وبين المدينة من كل صوب مسيرة يوم. ومن عجائبها أنه إذا غرس في ذلك الفضاء لا يفلح الغرس، وذلك لأمر خفي لا اطلاع عليه.
بناها فيروز الملك وهي من البحر على يومين بينهما دخلة شعراء عظيمة، كثيرة الشجر جداً يقطعون منها الخشب الذي منه الأطباق وقصاع الخلنج. وفي المدينة صناع كثير لإصلاحها. ومن عجائبها ما ذكره أبو حامد الأندلسي قال: رأيت خارج المدينة في ميدانها حجراً كبيراً كأنه معمول من حديد أكبر من مائتي رطل، إذا احتاج أهل المدينة إلى المطر حملوا ذلك الحجر على عجلة ونقلوه إلى داخل المدينة، فينزل المطر ما دام الحجر فيها، فإذا أخرج منها سكن المطر.
والفأر بها كثير جداً بخلاف سائر البلاد، وللسنانير بها عزة ولها سوق تباع فيه ينادون عليها انها سنورة صيادة مؤدبة لا هرابة ولا سراقة، ولها تجار وباعة ودلالون، ولها راضة وناس يعرفون.
قال سندي بن شاهك وهو من الحكماء المشهورين: ما أعناني سوقة كما أعناني أصحاب السنانير، يعمدون إلى سنور يأكل الفراخ والحمام، ويكسر قفص القماري والحجل والوراشين، ويجعلونه في بستوقة يشدون رأسها ثم يدحرجونها على الأرض حتى يأخذه الدوار، فيجعلونه في القفص مع الفراخ، فيشغله الدوار عن الفراخ. فإذا رآه المشتري رأى عجيباً وظن انه ظفر بحاجته، فيشتريه بثمن جيد، فإذا مضى به إلى البيت وزال دواره يبقى شيطاناً يأكل جميع طيوره وطيور جيرانه، ولا يترك في البيت شيئاً إلا سرق وأفسد وكسر