أبيورد

مدينة بخراسان بقرب سرخس، بناها باورد بن جودرز، وانها مدينة وبيئة رديئة الماء، من شرب من مائها يحدث به العرق المديني، أما الغريب فلا يفوته البتة، وأما المقيم ففي أكثر أوقاته مبتلى به.

ينسب إليها أبو علي الفضيل بن غياض، كان أول أمره يقطع الطريق بين سرخس وأبيورد حتى كان في بعض الربط في بعض الليالي وفي الرباط قفل، فيقول بعضهم: قوموا لنرحل! فيقول البعض الآخر: اصبروا فإن الفضيل في الطريق، فقال لنفسه: أنت غافل والناس يفزعون منك، أعود بالله من هذه الحالة! فتاب وذهب إلى مكة وأقام بها إلى أن مات. وحدث سفيان بن عيينة: لما حج الرشيد ذهب إلى زيارة الفضيل ليلاً، فلما دخل عليه قال لي: يا سفيان أيهم أمير المؤمنين؟ فأومأت إليه وقلت: هذا! فقال: أنت الذي تقلدت أمر هذا الخلق بأحسن الوجه، لقد تقلدت أمراً عظيماً! فبكى الرشيد وأمر له بألف دينار فأبى أن يقبلها، فقال: أبا علي ان لم تستحلها فأعطها ذا دين واشبع بها جائعاً واكس بها عارياً! فأبى، فلما خرج الرشيد قلت له: أخطأت، لو أخذت وصرفت في شيء من أبواب البر! فأخذ بلحيتي وقال: أبا محمد، أنت فقيه البلد وتغلط مثل هذا الغلط؟ لو طابت لأولئك لطابت لي! وحكي أن الفضيل رؤي يوم عرفة على عرفات يبكي إلى آخر النهار ثم أخذ بلحيته وقال: واخجلتاه وإن غفرت! ومضى. وحكي انه كان في جبل من جبال منى فقال: لو أن ولياً من أولياء الله أمر هذا الجبل أن يمتد لامتد! فتحرك الجبل فقال الفضيل: اسكن لم أردك لهذا! فسكن الجبل. ولد الفضيل بسمرقند، ونشأ بأبيورد، ومات بمكة سنة سبع وثمانين ومائة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015