طولهما في الأرض أربعمائة ذراع وارتفاعهما كذلك، وقال أبو عبد الله بن سلامة القضاعي في كتاب مصر: إنه وجد في قبر من قبور الأوائل صحيفة، فالتمسوا لها قارئاً فوجدوا شيخاً في دير قلمون يقرأها، فإذا فيها: إنا نظرنا فيها تدل عليه النجوم فرأينا أن آفة نازلة من السماء وخارجة من الأرض، ثم نظرنا فوجدناه مفسداً للأرض ونباتها وحيوانها، فلما تم الهرم الغربي بنى لابن أخيه الهرم المؤزر وكتبنا في حيطانها أن آفة نازلة من أقطار العالم، وذلك عند نزول قلب الأسد أول دقيقة من رأس السرطان، وتكون الكواكب عند نزولها إياها في هذه المواضع من الفلك، الشمس والقمر في أول دقيقة من الحمل، وزحل في درجة وثمان وعشرين دقيقة من الحمل، والمشتري في تسع وعشرين درجة وعشرين دقيقة من الحمل، والمريخ في تسع وعشرين درجة وثلاث دقائق من الحوت، والزهرة في ثمان وعشرين درجة من الحوت، وعطارد في تسع وعشرين درجة من الحوت، والجوزهر في الميزان، وأوج القمر في خمس درجات ودقائق من الأسد. فلما مات سوريل دفن في الهرم الشرين ودفن أخوه هرجيت في الهرم الغربي، ودفن ابن أخيه كرورس في الهرم الذي أسفله. ولهذه الأهرام أبواب في ازج تحت الأرض، طول كل ازج منها مائة وخمسون ذراعاً. فأما باب الهرم الشرقي فمن الناحية الشرقية، وأما باب الهرم الغربي فمن الناحية الغربية، وأما باب الهرم المؤزر فمن الناحية الشمالية. وفي الأهرام من الذهب ما لا يحتمله الوصف.
ثم ان المترجم لهذا الكلام من القبطي إلى العربي أجمل التاريخات إلى سنة خمس وعشرين ومائتين من سني الهجرة، فبلغت أربعة آلاف وثلاثمائة وإحدى وعشرين سنة شمسية، ثم نظر كم مضى من الطوفان إلى وقته هذا فوجده ثلاثة آلاف وتسعمائة وإحدى وأربعين سنة، فألقها من الجملة الأولى، فبقي ثلاثمائة وتسع وتسعون سنة، فعلم أن تلك الصحيفة كتبت قبل الطوفان بهذه المدة. وقال بعضهم:
حسرت عقول ذوي النّهى الأهرام ... واستصغرت لعظيمها الأحلام