الإسلام، وأسلم على يد الوليد بن عبد الملك واستخرج له دفائن من أرض الشام. فلما صارت تلك الأموال إلى الوليد شرهت نفسه فقال له: يا أمير المؤمنين إن ههنا أموالاً ودفائن للملوك الماضية. فسأله الوليد عن مكانه فقال: تحت منارة الإسكندرية، فإن الإسكندر احتوى على أموال شداد بن عاد وملوك مصر والشام فتركها في آزاج وبنى عليها المنارة. فبعث الوليد معه قوماً لاستخراجها فهم نقضوا نصف المنارة وأزيلت المرآة، فضجت الناس من أهل الإسكندرية. فلما رأى العلج ذلك وعلم أن المرآة أبطلت هرب بالليل في مركب نحو الروم وتمت حيلته.
والمنارة في زماننا حصن عال على نيق جبل مشرف على البحر في طرف جزيرة، بينها وبين البر نحو شوط فرس، ولا طريق إليها إلا في البحر المالح، وهي مربعة ولها درج واسعة يصعدها الفارس بفرسه. وقد سقفت الدرج بحجارة طوال مركبة على الحائطين المكتنفين للدرجة، فترتقي إلى طبقة عالية مشرفة على البحر بشرفات محيطة، وفي وسطه حصن آخر يرتقى إليه بدرجة أخرى فيصعد إلى طبقة أخرى لها شرفات، وفي وسطها قبة لطيفة كأنها موضع الديدبان.
وحكي أن عبد العزيز بن مروان لما ولي مصر جمع مشايخها وقال: إني أريد أن أعيد بناء الإسكندرية إلى ما كانت. فقالوا: انظرنا حتى نتفكر. فقال: أعينوني بالرجال وأنا أعينكم بالمال. فذهبوا إلى ناووس وأخرجوا منه رأس آدمي وحملوه على عجلة ووزنوا سناً من أسنانه فوجودها عشرين رطلاً على ما بها من