أما القليل من إنتاج الإمام في مرحلة آفلو؟ الذي نجا من الضياع فهو موجود في هذا الجزء، وهو ذو طابع أدبي، ومنه رواية الثلاثة، التي يقول عنها الشيخ محمد الصالح رمضان: "وأما رواية الثلاثة الشعرية الهزلية النقدية فقد نسخ منها الشيخ الجيلالي الفارسي فصلين فقط وسحبها ... وهي غير تامة إذ ينقصها الفصل الثالث والأخير" (14).

في أوائل سنة 1943 - وبعد نزول قوات الحلفاء في الجزائر في نوفمبر 1942 - حدث نوع من الانفراج السياسي، فعاد الإمام الإبراهيمي من المنفى، ولكنه وُضِع تحت المراقبة الإدارية حتى انتهاء الحرب، وفي تلك السنة- 1943 - تمكنت الجمعية بقيادة الإمام الإبراهيمي من تشييد سبعين مدرسة (15)، وهو عدد ضخم، نظرًا لظروف الحرب المقيدة للحركة، وللمسغبة التي كان يعانيها الشعب الجزائري.

ومن أهم مواقفه في هذه الفترة ردُّه على ما تقدم به الجنرال دوغول في شهر مارس 1944 من إصلاحات، وأهمها ما سُمِّي آنذاك بحق المواطنة الفرنسية للجزائريين، الذي "ندد به الشيخ الإبراهيمي رئيس جمعية العلماء، على أنه خطوة نحو إدماج لا يرضى به الشعب المسلم بأي ثمن" (16).

كما أسهم الإمام مساهمة كبيرة في لَمّ شمل السياسيين الجزائريين، لتكوين هيئة سياسة تجادل عن حقوق الشعب الجزائري، حيث "تَمَّ بسعيه- وسعي إخوانه العلماء- في وقت لا يقل حرجًا وضيقًا عن وقتنا هذا جمع الأحزاب في هيئة أحباب البيان" (17)، التي ضمت جميع القوى الوطنية في الجزائر باستثناء الشيوعيين.

إذا كانت مؤامرة فرنسا لإفشال المؤتمر الإسلامي سنة 1936 قد استهدفت أفرادًا، فإن مؤامرتها لإفشال تجمع "أحباب البيان" قد استهدفت الشعب الجزائري كله، فكانت حوادث 8 مايو 1945، و"هي حوادث محكمة التدبير، مبيتة، مجمع عليها من جامعة المعمرين بإملاء رجال الحكومة أو مُمَالَأتِهِم" (18).

لقد قُتل في هذه الحوادث- في بضعة أيام- أكثر من خمسة وأربعين ألف جزائري، "ودمَّرت الطائرات (بأمر من وزير الطيران شارل تيون الشيوعي) 44 مَشْتَى (قرية) " (19)، واعتقل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015