جَلَّ المصاب، وَمُجْتُ في أحزانه … وعجزت عن كظم الأسى وبيانه

فوَجَمْتُ والقلب الرؤوم جَوٍ على … فَقْدِ "البشير" يغذ في خفقانه

والدمع رغم رُجُولتي وتجلدي … بح الزفير وبُلَّ من تهتانه

قالوا: أتبكي؟ كيف لا أبكي أبًا … وأخًا وأستاذًا فريد زمانه

أبكي المودة والوفاء سجية … والنُّبْل، كان يشعّ من أردانه

أبكي الفضيلة والمروءة والنَّدَى … والمكرمات تسير في ركبانه

أبكي الثقافة والحصافة والحِجا … والذوق وازَى العلم في ميزانه

أبكي أبيا عبقريا ماجِدًا … أبكي إمامًا جل في أقْرانِه

أبكي بصيرته وحِكْمَةَ فَصْلِهِ … أبكي سَدادَ الرأي في إبَّانِه

أبكي امتدادًا لابن باديس الذي … للدين جَدَّدَ ما مضى من شانه

أبكي، أَجَلْ أبكي وليس بضائري … دَمْعُ الأبي الحر فيض حَنانِه

...

قد كان- رغم السن- منذ لقيته … خِلِّي الأثير، وكنت مِنْ خِلّانِه

حُدِّثْتُ في باريس أيام الصبا … عن فضله، وقرأْتُ دُرَّ بيانه

فقدرت فيه مَحامدًا ومَحاتِدًا … وتَطلَّعَت نفسي إلى أَكْوانِه

ولقيته فازْدَدْتُ في إكباره … وأحَبَّ وجداني سَنا وِجْدانه

كان "الفضيل" (44) ورهْطُه طلابه … عِرْفانُهُم كالفيض من عِرْفانِه

كان "التبسي" (43) و"المبارك" (46) صحبه، … لكنه المرموق في إخوانه

حتى إذا خرج الجهاد بعزمه … عن داره للرحب من أوطانه

ألفيته بطلًا يشد على العدا … وأبًا رحيم القلب في أعوانه

في عالَم الإسلام يخفق دائبًا … من "مصره" يسعى إلى "بغدانه"

من "قدسه" لـ "حجازه " لـ "شآمه" … ويلم، لا ليجم في "لبنانه"

لكنه يجري وراء طماحه … وكفاحه حتى لـ "باكستانه"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015