رأينا كما يرى كل مبصر ما نحن عليه معشر المسلمين من انحطاط في الخلق وفساد في العقيدة وجمود في الفكر وقعود عن العمل وانحلال في الوحدة وتعاكس في الوجهة وافتراق في السير. حتى خارت النفوس القوية وفترت العزائم المتقدة، وماتت الهمم الوثابة ودفنت الآمال في صدور الرجال، واستولى القنوط القاتل واليأس المميت فأحاطت بنا الويلات من كل جهة وانصبت علينا المصائب من كل جانب.
رأينا هذا كله كما رآه المسلمون كلهم وذقنا منه الأمرَّين مثلهم ففزعنا إلى الله الذي لم تستطع هذه الأهوال والمصائب كلها أن تمس إيماننا به، وتزعزع ثقتنا فيه، فاستغثنا واستجرنا واستخرنا، وتوسلنا إليه جل جلاله بالإيمان وبسابق آلائه، وجأرنا إليه بأسمائه، فهدانا- وله المنة- إلى النور الوضَّاء الوهاج الأتم، والمنهاج الواضح الأقوم، هدانا إلى سنة سيدنا الأكرم، وقدوتنا ألأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
عرفنا- مما هدانا إليه ربنا- الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والهدى الذي ما بعده إلا الضلال وسبيل النجاة التي ما في كل مخالفتها إلا الهلاك، والدواء الذي بدونه لا تبرأ النفوس من أدوائها ولا تظفر بالقليل من شفائها، فحمدنا الله على ما هدانا وعقدنا العزم على المحافظة على هذه النعمة وشكرها، وما شكرها إلا في العمل بها وبنشرها وأشفقنا على أنفسنا من تبعة الكتمان وما جاء فيمن لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه من ضعف الإيمان، فأخذنا على