اثار ابن باديس (صفحة 672)

معقل بن يسار بهذا الحديث عبيد الله بن زياد لأنه كان أميرا لمصر عظيم، فيكون من أول من يشمله عموم لفظ: (ما من أحد). وهذا هو وجه تخريج مسلم لهذا الحديث في كتاب الامارة. واما اللفط فهو على عمومه.

الوعيد- معناه وشرطه وعمومه:

توعد الله على لسان نبيه- صلى الله عليه وآله وسلم- الراعي الغاش بتحريم الجنة عليه. والتحريم هو المنع ويكون موقتا موقوتا ويكون مؤبدا، فإن مات الغاش مستحلا للغش أو عوقب على اصراره بسوء الخاتمة- عياذا بالله- فتحريمها عليه مؤبد، وان مات مسلما مصرا فتحريمها عليه كل وقت، يدخل النار بغشه ثم يخرج منها بما في قلبه من ايمان {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. وهذا المعنى- على تفصيله- عام بحسب صريح لفظه لكل راع غاش واقتضى قوله- صلى الله عليه وآله وسلم- في الحديث: «يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته» أن هذا الوعيد فيمن مات مصراً ولم يتب، فأما من تاب ولم يمت يوم مات على غشه فليس داخلا في هذا الوعيد. نعم ينجو التائب من غقوبة الغش بتوبته ولكنه تبقى عليه تبعات العباد وما ألحق بهم من ضرر وهي حقوق أخرى جنى عليها زيادة على أصل الغش. فلهما عقوباتها والقصاص عليها.

تطبيق:

كل من تولى أمراً من أمور الأمة فهو من رعاتها المسؤولين عنها المتوعدين بهذا الوعيد الشديد إذا غشوها على أي وجه كانت تلك الولاية من الوجوه التي تختلف باختلاف الأمم وأوضاعها ومما هو من أعظم الولاية على الأمة اليوم بحسب وضعها، النيابة عنها والتكلم بلسانها من أدنى درجات تلك النيابة إلى أعلاها. فليعلم هذا من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015