وحملها على ما لا تكون به معارضة بين الآيتين- وهو الوجه الثاني- أرجح وأولى إن لم يكن متعينا.
ثم ان قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} يفيد أن علة طلب الادناء هي تمييزهن عن الاماء اللاتي كن يمشين حاسرات أو بقناع مفرد فيتعرضن لهن أهل الشطارة والسفهاء. وفي الادناء على الوجه الثاني في الآية تحصيل لهذا المقصود من التمييز، فحملها عليه مناسب للعلة وسالم من المعارضة فهو المختار.
وبهذا التقرير تكون كل آية مفيدة معنى غير الذي أفادته الأخرى، فآية الابداء أفادت طلب ستر الأعضاء إلا الوجه والكفين، وآية الادناء أفادت طلب الستر الأعلى الذي يحيط بالثياب ويعم الرأس وما والاه من الوجه وهو الجبين وينضم على البدن، ليحصل به تمييز الحرائر بالمبالغة في التستر والاحتشام. وهذا هو المناسب لجوامع كلم القرآن والله أعلم (?).