اثار ابن باديس (صفحة 652)

قد فرغنا في القسم الأول من الكلام على آية الإبداء وهي آية قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} ونريد أن نتكلم في هذا القسم على آية الإدناء وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}. وفي هذه الآية تفسيران أخذ الاستاذ بأحدهما وهو مرجوح في نظرنا بما نقيمه من الأدلَّة على مرجوحيته، وسنتكلم على الآية في ثلاثة مباحث.

المبحث الأول: في معنى الإدناء والجلابيب:

الإدناء من الدنو وهو القرب، فالإدناء التقريب، فيدنين عليهن من جلابيبهن بمعنى يقرِّبن عليهن، وأصل فعل دنا أن يتعدلى بمن، تقول: دنوت منه وأدنيته منه، وإنما يتعدى بعلى إذا كان في الكلام معنى الارخاء أو الضم كما في قوله تعالى: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا} (?) وكما في: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ}.

والجلباب- على اختلاف عبارات اللغويين في تفسيره- هو الثوب الأعلى الذي تجعله المرأة فوق رأسها وترسله على بدنها كالملحفة ونحوها.

و"من" للتبعيض لأن الذي تدنيه عليها من ناحية وجهها. إنما هو بعض جلبابها.

فأفادت الآية طلب تقريب المرأة بعض جلبابها وإرخائها وضمه عليها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015