اثار ابن باديس (صفحة 649)

{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} وظاهر من الجواب أنه فسر الزينة بالوجه في قوله: {زِينَتَهُنَّ}.

ولو ذهبنا على هذا الرأي في الاستشهاد والجواب لكان تقدير الآية هكذا، ولا يبدين وجوههن الا ما ظهر من وجوههن. وهذا لا قائل به وتكاد لا تكون فائدة لمعناه.

والصواب: أن الذي فسر بالوجه والكفين-لا بالوجه فقط- هو لفظة "ما" في قوله: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} وهي واقعة على الزينة الظاهرة. إذ الزينة منها باطن كالسوار للذراع والدملج للعضد والقُرط للأذن والقلادة للنحر والخلخال للساق، ومنها ظاهر كالكحل للعين والخاتم للأصبع. والزينة هي هاته الأشياء المتزين بها ونحوها. فتعلق بها هذا الخطاب باعتبار محالها فالمقصود محالها بدليل انها إذا لم تكن في محالها لا يتعلق بها هذا الخطاب وقد جاء تفسير الزينة الظاهرة عن السلف مرة بالوجه والكف ومرة بالكحل والخاتم، والثاني راجع للأول لأن الوجه محل الكحل والكف محل الخاتم، فالثاني فسر على حقيقة اللفظ والأول على المراد.

ولما قال الله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} عمَّ اللفظ الباطنة والظاهرة. ولما قال: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} خص الظاهرة فجاز ابداؤها وبقيت الباطنة على المنع. وأفادت الآية منع كشف العنق والصدر والساق والذراع وجميع الباطن، وأباحت كشف الظاهر، وهو الوجه والكفان، إذ هما ليس بعورة من المرأة بإجماع.

فبان بهذا بطلان تفسير الأستاذ الزينة من {زِينَتَهُنَّ} الوجه، وبطلان استدلاله بالآية على وجوب ستره، إذ هي بالعكس دالة على جواز ابدائه بحكم الاستثناء الصريح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015