اثار ابن باديس (صفحة 1814)

وصَهْبَاءَ طَافَ يَهُودِيُّهَا … وأَبْرَزَهَا وَعَلَيْهَا خَتَمْ

وَقَابَلَهَا الرِّيحُ فِي دَنِّهَا … وَصَلَّى عَلَى دَنِّهَا وَارْتَسَمْ

قال صاحب اللسان: دعا لها أن لا تحمض ولا تفسد.

وقال الأعشى أيضاً:

عَلَيْكِ مِثْلُ الَّذِي صَلَّيْتِ فَاغْتَمِضِي … يَوْمًا فَإِنَّ لِجَنْبِ الْمَرْءِ مُضْطَجَعَا

أي دعوت، فالدعاء هو معناها اللغوي الأصلي وعليه جاءت كلمات كثيرة في الكتاب والسنة فمنها "وصلوات الرسول" أي دعواته "وصل عليهم"، أي أدع لهم وحديث «إذا دعي أحدكم لطعام فليجب فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليصل» أي فليدع لأرباب الطعام و"الصلوات لله" أي الأدعية التي يراد بها تعظيم الله هو مستحقها لا تليق بأحد سواه كما في "اللسان".

جاءت هذه الكلمات وأمثالها على المعنى اللغوي الأصلي، وجاء مثل قوله تعالى {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} وقوله- صلى الله عليه وسلم- «لا صلاة لجار المسجد في غير المسجد» مراداً به عبادة مخصوصة ذات أقوال وأفعال وتروك على هيئة خاصة من جملة أجزائها الدعاء، ولا شك أن إطلاقها على هذا المعنى إنما هو إطلاق شرعي ولكنه غير خارج عن أساليب كلام العرب فإنه من باب تسمية الشيء باسم جزئه فإطلاق هذا اللفظ على هذه العبادة المخصوصة حقيقة شرعية مجاز لغوي وليس هذا هو مرادنا هنا. وقد كان الظاهر لما كانت بمعنى الدعاء أن تتعدى بالكلام ولكنها تعدت بعلى لما فيها من معنى العطف فصلى عليه يؤدي معنى قولنا: دعا له عاطفاً عليه وهذا هو السر في اختيار لفظها على لفظه لتؤدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015