ويشيد بذكره ويهيب دائماً بلزوم المحافظة على شخصية الأمة وعدم التساهل في شيء منها والمصارحة في كل موقف بأنها أمة لها لغتها ولها دينها ولقد كان من يرى السكوت عن هذه الناحية أقرب للمجاملة، وكان من يرى التسامح فيها والمساهلة، وكان من يصارح ويتصلب في هذه الناصية وإن تساهل في ناحية أخرى.
أما اليوم فقد أصبحت الأمة ولا يستطيع أحد أن يتقدم للنيابة عنها إلا إذا أقنعها بالمحافظة على شخصيتها والدفاع عن دينها ولغتها.
وإننا لنغتبط جد الاغتباط أن نرى نواب الأمة- إلا قليلا- قد أخذوا يشعرون بما عليهم من المسؤولية في الدفاع عن الإسلام والعربية، وأن نسمعهم- وقد سمعنا بعضهم- يرصعون خطبهم العامة بكلمات: إسلام، عربية، تاريخ، وطن، أمة وإنا لنرجو أن تكون لهم مواقف في هذه الناحية كما كانت لهم مواقف في النواحي الأخرى هذه الناحية في نظر الأمة، وفي الواقع أجل وأعز منها.
ليس المصلحون حزبا- وربما يكونونه يوما من الأيام- وإنما هم العاملون على الأصول التي ذكرناها آنفا، وتحدثنا عن آثارها.
كانوا يوم رفع (الشهاب) وقبله (النتقد) الشهيد دعوة الإصلاح قليلا، وهم اليوم لا يأخذهم العدو لا تخلو بقعة من نواحي القطر منهم، قد ملأوه من أقصاه إلى أقصاه، وقد تجلت قوتهم في الانتخابات الكثيرة بعمالة قسنطينة وعمالة وهران وهم لم ينتظموا انتظام الأحزاب فكيف لو انتظموا؟
كان الناس كأنهم لا يرون الإسلام إلا الطرقية، وقد زاد ضلالهم