اثار ابن باديس (صفحة 1770)

تونسي فحسب بل هو زعيم عالمي. شرع في التحدث عن النقطة الأولى من محاضرته فقال مرتجلا:

الحالة العلمية:

العلوم في الجزائر كما أظنها في غيرها، منها علوم تؤخذ باللسان العربي وهي علوم الدين واللسان، ومنها علوم تؤخذ باللسان الأجنبي وهي علوم الأكوان والعمران.

وقد كان الذين يزاولون العلوم الأولى على جمود تام كما كان الذين يزاولون العلوم الثانية على تيه وضلال. فهؤلاء يعتبرون الآخرين أحجاراً ... وأولئك يعتبرون هؤلاء كفاراً ...

هكذا كانت الجزائر في الحركة العلمية إلى أن مرت عليها مائة عام وأنشئت جمعية العلماء الجزائريين فتولت إفهام كل طرف قيمة الطرف الآخر وبينت للجميع أنهم مهما نطقوا بأي لسان فهم من الجزائر وإلى الجزائر ولا تنهض الجزائر إلا بهم ولا ينهضون إلا بها.

ولقد وضعت هذه الجمعية برنامجا صالحا لتعليم الصغار اللسان العربي وتكميل معلومات من تعلموا باللسان الأجنبي كما خصصت درواسا للكبار.

ولكن ما كادت هذه الجمعية تخطو خطوتها حتى تنكرت لها الحكومة وأقيمت أمامها العراقيل حتى من طرف بعض المسلمين فأوذيت وصودمت وأصبحت حديث الجرائد الكبرى الفرنسية حتى اليوم ولكن الجمعية كانت تقابل هذه المقاومات بالثبات العظيم. وقد تأسست رغم تلك المقاومات المدارس وفتحت الأندية لإلقاء المحاضرات وزرعت نواة الكلية وما زالت المبحثات العلمية تتكون وتتوالى إلى جامع الزيتونة المعمور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015