اثار ابن باديس (صفحة 1652)

المارشال اللنبي -وقد دخل القدس- "اليوم انتهت الحروب الصليبية" فلو لم يخلق الله المعجزة على يد كمال لذهبت تركيا وذهب الشرق الإسلامي معها، لكن كمالا الذي جمع تلك الفلول المبعثرة فالتف به إخوانه من أبناء تركيا البررة، ونفخ من روحه في أرض الأناضول حيث الأرومة التركية الكريمة وغيل ذلك الشعب النبيل وقاوم ذلك الخليفة الأسير وحكومته المتداعية، وشيوخه الدجالين من الداخل، وقهر دول الغرب وفي مقدمتها إنكلترا من الخارج، لكن كمالا أوقف الغرب المغير عند حده وكبح من جماحه وكسر من غلوائه، وبعث في الشرق الإسلامي أمله وضرب له المثل العالي في المقاومة والتضحية فنهض يكافح ويجاهد. فلم يكن مصطفى محي تركيا وحدها بل محي الشرق الإسلامي كله. وبهذا غير مجرى التاريخ ووضع للشرق الإسلامي أساس تكوين جديد. فكان بحق من أعظم عباقرة الشرق العظام الذين أثروا في دين البشرية ودنياها من أقدم عصور التاريخ.

إن الإحاطة بنواحي البحث في شخصية أتاتورك "أبي الترك" مما يقصر عنه الباع، ويضيق عنه المجال، ولكنني أرى من المناسب أو من الواجب أن أقول كلمة في موقفه إزاء الإسلام. فهذه هي الناحية الوحيدة من نواحي عظمة مصطفى أتاتورك التي ينقبض لها قلب المسلم ويقف متأسفاً ويكاد يولي مصطفى في موقفه هذا الملامة كلها حتى يعرِّف المسؤولين الحقيقيين الذين أوقفوا مصطفى ذلك الموقف فمن هم هؤلاء المسؤلون؟ ...

المسؤولون هم الذين كانوا يمثلون الإسلام وينطقون باسمه، ويتولون أمر الناس بنفوذه، ويعدون أنفسهم أهله وأولى الناس به.

هؤلاء هم خليفة المسلمين شيخ إسلام المسلمين ومن معه من علماء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015