جاء السيد رشيد إلى مصر وهو عالم مفكر وكاتب متبصر فصحب الأستاذ الإمام صحبة العالم الصغير للعالم الكبير فكان من أول آثار ذلك إصداره للصحيفة الإصلاحية التي كان يستمد روحها من الأستاذ الإمام ثم رغبته منه في إلقاء دروس التفسير التي كانت أساساً لتفسير المنار ورغبته إليه في إقراء علم البلاغة من كتابي أمامها (دلائل الإعجاز) و (أسرار البلاغة) فكانت قراءتهما فتحاً جديداً في العربية كما كانت دروس التفسير فتحاً جديداً في الدين.
كان السيد الساعد الأيمن والعضد الأشد للأستاذ الإمام في جميع ما قام به كما كان الترجمان الصادق عن أفكاره والمدره الصمصام في الدفاع عنه. واستمر السيد على وفائه للأستاذ الإمام بعد وفاته كما كان له في حياته وما عرف المصريين وغير المصربين قدر الأستاذ الإمام وحفط عليهم أمانته وخلد لهم آثاره إلا السيد رشيد وكان إلى آخر حياته- قد فاق أستاذه في نواح عديدة من العلم- لا يفتر يلهج بأستاذه حتى كاد ينسى الناس نفسه وأثره الخاص في الدين والعلم والإصلاح.
مضى السيد الرشيد بعد الأستاذ الإمام مضطلعا بأعباء خطته الإصلاحية واتسعت آفاق أعماله إلى العالم الإسلامي كله وكان لا بد له من أن يصطدم بالحالة السياسية التي عليها العالم الإسلامي والتي هي بطبيعتها العقبة الكؤود في سبيل كل إصلاح فأصبح السيد رشيد من الفرسان المعلمين في ميدان الإصلاح الديني والاجتماعي وكان في كليهما يصدر عن إيمان ويجالد بقوة ويناظر بحكمة ويفحم ببرهان.