سبيل الله بمكاوٍ من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم" (?) فما زال حتى ولع الفقراء بمثل ذلك وأوجبوه على الأغنياء وحتى شكا الأغنياء لمعاوية - وهو أمير الشام من طرف عثمان - رضي الله عنه - ما يلقونه من الناس.
ولو لم يبادر عثمان - رضي الله عنه - باستقدام أبي ذر - رضي الله عنه - إلى المدينة لاتسع نطاق الفتنة بالشام.
قد خلف أبو ذر إجماع الصحابة بنظريته السابقة مع قيام الدليل القطعي من النقل المتواتر والنصوص القرآنية الكثيرة المتضافرة على خلاف رأيه، وكان خلافه هذا في مسألة من كبريات المسائل. ومع ذلك تركوا له حرية نظره ولم يلق منهم من أجلها أدنى ضغط ولا أقل تحقير فكانوا بذلك منفذين لما جاء به الإسلام من احترام الآراء وحرية النظر والتفكير.
فأبو ذر بمذهبه هذا في المال كان شاذاً بين الصحابة - رضي الله عنه - مخالفا لإجماعهم ولم يتعرضوا له في نظره واجتهاده إلا عندما خشوا من بثه الفتنة على الناس. وقد كان أبو ذر بمذهبه الشاذ هذا أول اشتراكي في المال من المسلمين في أول عصور الإسلام وإن لم يعمل بمذهبه في سائر عصوره (?).