فاتبعني فإني إن رأيت شيئا أخاف منه عليك قمت كأنني أريق الماء فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي فانطلق أبو ذر يقفوا أثر علي حتى دخل علي على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فدخل أبو ذر فسمع من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأسلم مكانه فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أكتم هذا الأمر وارجع إلى قومك فأخبرهم فإذا بلغك ظهورنا فأقبل فقال أبو ذر والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته (أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله) فقامت إليه قريش فضربوه ضرب الموت حتى أضجعوه على الأرض وأتى العباس فأكب عليه وقال لقريش ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار أن طريق تجارتكم إلى الشام عليهم فأنقده منهم ثم عاد أبو ذر من الغد إلى مثلها فثاروا عليه وضربوه فأكب عليه العباس وأنقذه منهم كالأول فرجع أبو ذر إلى قومه.
كانت المرحلة الأولى من مراحل الدعوة فردية سرية وما أعلنت الدعوة للعموم إلا بعد نزول قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} وكان ذلك في السنة الثالثة ولكنها مع خفيتها كان الخبر يتسرب خارج مكة حتى بلغ أبى ذر فأرسل أخاه ولم يكفه الخبر عن العيان فقدم بنفسه وأبا أن يسأل على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أحداً من قريش، لأنهم كانوا يصدون الناس عنه بالكذب عليه والتزهد فيه وبالأذية لمن يرون منه تصديقه. وكان من صنع الله له- ومن تاقت نفسه لمعرفة الحق أعين عليه - أن ساق إليه علياً فاستضاف على عادة العرب في استضافة الغريب فكان علي دليله إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وحارسه في طريق الوصل إليه من أن تصيبه قريش بأذى كما كان أبو ذر متستراً خوفاً على نفسه. فلما دخل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وشاهد وسمع منه ما حصل له به اليقين