اثار ابن باديس (صفحة 1499)

العرب في القرآن

-2 -

أيّها الإخوان:

جعلنا عنوان الخطاب ((العرب في القرآن)) وقلنا في أول كلمة منه أن العناية بالعرب حق على كل مسلم لارتباط تاريخهم بتاريخ الإسلام. فما هو حظ العرب من القرآن من الناحية التاريخية بعد أن سمعتم هذه التوجيهات العامة.

والعرب مظلومون في التاريخ فإن الناس يعتقدون ويعرفون أن العرب كانوا همجا لا يصلحون لدنيا ولا دين حتى جاء الإسلام فاهتدوا به فأخرجهم من الظلمات إلى النور.

هكذا يتخيل الناس العرب بهذه الصورة المشوَّهة، ويزيد هذا التخيل رسوخاً ما هو مستفيض في آيات القرآن من تقبيح ما كان عليه العرب ليحذرنا من جاهلية أخرى بعد جاهليتهم.

والحقيقة التي يجب أن أذيعها في هذا الموقف هي أنَّ القرآن وحده هو الذي أنصف العرب. والناس بعد نزول القرآن قصَّروا في نظرتهم التاريخية إلى العرب فنشأ ذلك التّخيل الجائر عن القصد. والتاريخ يجب أن لا ينظر من جهة واحدة بل ينظر من جهات متعددة وفي العرب نواح تجتبى ونواح تجتنب, وجهات تذم وتقبح وجهات يثنى عليها وتمدح. وهذه هي طريقة القرآن بعينها. فهو يعيب من العرب رذائلهم النفسية كالوثنية ونقائصهم الفعلية كالقسوة والقتل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015