ومن عجائب صنع الله لهذه الجمعية أن كل واحد من هذه الطائفة الساذجة قدر له أن يحضر درسا أو يسمع محاضرة يصبح بفضل الله مسلما اجتماعيا يعرف حقيقة الإسلام ويدرك المنزلة التي أرادها له الإسلام.
وأما المرتابون فهم طوائف شتى تجمعهم صفة واحدة وهي اعتقاد أن هذه الجمعية تعارض مصالحهم أو فيها ما يعارض مصالحهم وقد كشفت الخطوة الأولى لهذه الجمعية عن مقاصدهم وكشفت لهم عما كانوا يرتابون فيه وأخرجتهم من الارتياب إلى التحقيق فكان منهم ما رأيتموه من السخط عليها والكيد لها ولو أنصفوا لجمع الحق بيننا ولكن الإنصاف قليل. وإذا كان في أنصار هذه الجمعية من يضيق ذرعه بهؤلاء الكائدين الساخطين، ويرى أن ظهورهم بما ظهروا به يعرقل سير الجمعية ويبطىء بها عن الوصول إلى الكمال، فإننا نرى عكس هذا الرأي نرى أن وجود هؤلاء الساخطين الكائدين هو جزء متمم للجمعية، وأن سخط الساخط عليها كرضى الراضي، كلاهما تثبيت للجمعية، وأن ذلك كله تدافع يظهر الله به الحق ويثبت قلوب أنصاره.
وأما الطائفة الثالثة فهي طائفة قويٌّ اشفاقها على هذه الأمة ورحمتها بها ورأت أن عوامل الانحطاط فيها قوية، وقد أراها الله من هذه الجمعية كيف يسرع لطف الله إلى قلوب الخائفين وكيف تقرب رحمته من المحسنين فقوي رجاؤها وثبت يقينها ودخلت في العمل الصالح عن إيمان وبصيرة. وهذه الطائفة هي أكثرية الأمة وهي التي تمثلونها أنتم أكثر الله عددكم وثبتكم على الحق وأحيانا وإياكم عليه حتى نلقاه غير مبدلين ولا مغيرين آمنين يا رب العالمين (?).
عبد الحميد بن باديس