اثار ابن باديس (صفحة 1365)

رباعيته- وهو يقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. وقال تعالى في رحمته بمن أرسل إليهم: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ "قاتل" نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} وكان كما قال تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ورحمته للعالم كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}.

مظاهر قوته:

كانت قوته لتحمُّل أعباء الرسالة وتبليغها للخلق، قوة أدبية وقوة حربية. فمن الأولى ثباته في مواقف التبليغ، كقوله لعمه أبي طالب - وقد فهم منه أنه ضعف عن نصره وأنه مسلِّمُه-: «يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته». ومن الثانية ثباته في ميادين القتال ومواقف البأس كما ولى عنه الناس يوم حنين- وهو يقول راكباً على البغلة التي لا يركبها إلا من لا يفر-:

«أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ … أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ»

معلناً مكانه مظهراً نفسه أمام الأعداء الآتين من كل صوب.

آثار القوة والرحمة في أخلاقه:

كان- صلى الله عليه وآله وسلم- صادقاً أميناً عادلاً، معروفاً بهذه الصفات بين قومه قبل نبوته.

الأمانة:

هي حفظ الشخص ما استودع، وأول ذلك حفظه نفسه فيثق به الناس في حفظ ما يستودعونه.

وقد كانت قريش- وهي كافرة به- تودع عنده أموالها. ولما خرج مهاجراً ومعه الصديق رضي الله تعالى عنه خلف ابن عمه حيدرة علي بن أبي طالب كرم اللهُ وجهه لينام على فراشه معرضا نفسه لسيوف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015