أما في الأمم المملوكة أو الشعوب التي لا سلطان لها على حكوماتها فما تزال ميزة الباستيل باقية فيها إلى اليوم.
وها نحن في الجزائر نرى ذلك ونتجرع آلامه. ففي سجن "الكدية" بقسنطينة قد ألقي أربعة من أعضاء جمعية العلماء المسلين الجزائريين دون جرم معلوم ودون أن يقدموا للمحاكمة، أربعة من العلماء: الشيخ عبد العزيز بن الهاشمي والشيخ عبد القادر الباجوري والشيخ علي بن سعد والسيد محمد الكامل، مضت عليهم في السجن سنة وأربعة أشهر مع المجرمين!
ومن عجب المقارنات أن يحتفل بمرور 150 سنة على سقوط الباستيل وهم ينيؤون تحت ما من مثله أسقط الباستيل.
لم يثر هؤلاء العلماء ضد السلطة ولا تداخلوا في أوضاعها الإدارية ولا أسسوا لتقويمها منظمات سياسية. وإنما قاموا بواجبهم الديني في بلادهم سوف (?) وقراها، ينشرون الإسلام ولغة الإسلام وينهضون بإخوانهم في دائرة دينهم وكان أهل تلك البلاد أرق أفئدة وأصفى عقولا وأمتن دينا وأسرع إجابة للحق والخير فانثالوا عليهم يجيبون داعي الله ويقبلون على تعلم الدين ولغة الدين. هذا ما كان والله.
لكن الذين لا يرضيهم مثل هذا- وهم أصناف- بيتوا أمرهم وتعاقدوا على قتل هذه الزيادة الدينية العلمية من تلك الديار فصوروها صورتها وأوقعوا بتلك البلاد الآمنة ما أوقعوا مما سبله عليهم التاريخ. وكتب على صفحات القلوب بأقلام الضلوع وحبر الدموع، وسيق الناس إلى السجون والأعمال الشاقة وسيق هؤلاء الشيوخ على الخصوص بتهمة التآمر على أمن الدولة أو الثورة على النظام أو الاتصال