ويقعدونها بصراخهم ويبذلون ما يبذلون من مساعداتهم في أوطان أخرى لم نرهم إزاء فلسطين الشهيدة إلا سكوتا أو شبه سكوت- وشتان ما بين من يريد المقاومة ومن يريد رفع الملام.
نحن- المسلمين- أعداء الظلم بطبيعتنا الإسلامية ونرحم المظلوم ولو كان هو ظالما لنا. منذ أيام كنت في حانوت تاجر مسلم- وقد قرأ علي أخبارا عن اضطهادات ألمانية جديدة على اليهود فلما فرغ من القراءة قال لي: "هذا يا شيخ حرام عندنا في الإسلام احنا نخليو الناس كلهم يعيشوا بأموالهم" فقلت له: نعم، وأخذت أبين له كيف عاش اليهود في ظل الإسلام. هذا عامي من أوساط الناس متمسك بدينه ومتألم من حالة القدس الشريف ويعرف أن بلاءها من مهاجرة يهود ألمانيا وغيرهم ومع ذلك يستنكر ما يلحقهم من الظلم. وها هم اليهود اليوم قد شردتهم ألمانيا ومن قوانينها الجديدة عليهم بيع أملاكهم ببرلين بالمزاد العام ومنعهم في المستقبل من الامتلاك، ومنعهم من صناعة الطب بتاتاً، والحكومة اليونانية منعتهم من دخول أرضها ولو على سبيل السياحة، وإيطاليا أخذت في اضطهادهم بأساليب علمية دقيقة وسياسة قاتلة، وفرانسا أيضا قد هبت عليها هبات من هذه السموم ستصيب اليهود أو قد أصابهم شيء من لفحها. هذا حالهم بين الأمم المسيحية وقد عادوا - أو كادوا- كما كانوا في القرون الوسطى لا يطمئنون على أزواجهم وأموالهم وثقافتهم إلا في بلاد الإسلام، وها هم مع ذلك يستمرون على ظلم الإسلام في قدس الإسلام ولا ناهي لهم ولا ناصح ممن يسمعون لنهيه ونصحه. وما يدريهم أن هذا البلاء الذي ابتدئ بصبه عليم هو جزاء ظلمهم لفلسطين ظلم الفعل وظلم الرضا وظلم السكوت عن الاستنكار. وأان الله لينتقم من الظالم بالظالم، ثم ينتقم من الجميع.
إن الدفاع عن القدس من واجب كل مسلم. وقد هب رجلات الإسلام في الشرق للقيام بهذا الواجب. فهنالك من ناحية الحكومات