إن الخلافة هي المنصب الإسلامي الأعلى الذي يقوم على تنفيذ الشرع الإسلامي وحياطته بواسطة الشورى من أهل الحل والعقد من ذوي العلم والخبرة والنظر، وبالقوة من الجنود والقواد وسائر وسائل الدفاع.
ولقد أمكن أن يتولى هذا المنصب شخص واحد صدر الاسلام وزمنا بعده- على فرقة واضطراب- ثم قضت الضرورة بتعدده في الشرق والغرب، ثم انسلخ عن معناه الأصلي وبقي رمزا ظاهريا تقديسيا ليس من أوضاع الإسلام في شيء.
فيوم ألغى الأتراك الخلافة- ولسنا نبرر كل أعمالهم- لم يلغوا الخلافة الإسلامية بمعناها الإسلامي وإنما ألغوا نظاما حكوميا خاصا بهم وأزالوا رمزا خياليا فتن به المسلمون لغير جدوى. وحاربتهم من أجله الدول الغربية المتعصبة والمتخوفة من شبح الإسلام.
علمت الدول الغربية المستعمرة فتنة المسلمين باسم "خليفة" فأرادت أن تستغل ذلك مرات عديدة أصيبت فيها كلها بالفشل. ليس عجيبا من تلك الدول أن تحاول ما حاولت وغاياتها معروفة ومقاصدها بينة. وإنما العجب أن يندفع في تيارها المسلمون وعلى رأسهم أمراء وعلماء منهم، ومن هذا الاندفاع ما يتحدث به في مصر فتردد صداه الصحف في الشرق والغرب وتهتم له صحافة الانكليز على الخصوص يتحدثون في مصر وفي الأزهر عن الخلافة كأنهم لا يرون المعاقل الانكليزية الضاربة في ديارهم ولا يشاهدون دور الخمور والفجور المعترف بها في قانونهم.