اثار ابن باديس (صفحة 124)

ولغتنا رغم كل ما يصيبنا ولن يصدنا عن ذلك شيء فنكون قد شاركنا في قتلهما بأيدينا وأننا على يقين من أن العاقبة- وإن طال البلاء- لنا وأن النصر سيكون حليفنا (?). وكتب في مناسبة أخرى: "أما الذين يحاربون العربية فهم يفرقون ويشوشون فسيندمون، وتنشر العربية بقوة الحق والفطرة وهم كارهون".

ولا نريد أن نستمر في الإطالة عليكم فإن مواقفه في الدفاع عن تعليم الدين والعربية ضد الإستعمار تتطلب وحدها محاضرة كاملة.

أيها السادة: إن الشيخ ابن باديس أمة وحده إستطاع بمفرده أولاً وبمساعدة إخوانه من العلماء ثانياً أن يقوم بتربية جيل وتكوين أمة، وتبصيرها بشخصيتها ومقوماتها، وهو الذي استطاع أن يضع أصول نهضتنا الفكرية والإجتماعية والأخلاقية والسياسية، وأن الثورة الجزائرية العظيمة في جوانبها النفسية وقوتها المعنوية التي تتمثل في كلمة "الجهاد" ترتد إلى عمله التربوي الخاص والعام، تربية الجيل في المدارس وتربية الأمة في المساجد وبرحلاته في مختلف أنحاء القطر. وإحياؤنا لذكراه إنما هو اعتراف بالجميل، وتخليد لعمله العظيم، وروحه القوية التي تمثل رمزاً من رموز حياتنا العقلية والأخلاقية، وعنصراً من عناصر وجودنا الذاتي، لأن ابن باديس قام بعملية التربية والوعي، تلك العملية التي تعتبر أعمق نشاط يؤديه الكائن البشري على الإطلاق، لأنه به يصنع المادة البشرية الصالحة، ويصوغ الذات الإجتماعية النافعة، ويبني الشخصية المتكاملة الشاعرة بوجودها وذاتيتها وحريتها.

إننا نحيِّي بإقامة ذكراه جرأته، وشجاعبه، وثباته، وتضحيته، وزهده في متاع الدنيا، في سبيل المبدأ، ونطبق ذلك العهد الذي أخذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015