فيه ابن باديس، مما يجعلنا نعتقد أنه متأثر بهم، وخصوصاً أبا بكر بن العربي الذي اهتم به وبكتابه "العواصم من القواصم" الذي حققه وطبعه سنة 1347هـ 1928 وكذلك ابن عبد البر في كتابه "جامع بيان العلم وفضله" والدليل على ذلك أنه استشهد بكلامهما في هذا المجال النقدي وذكر أن هذا الإعراض عن ربط الفروع بأصولها، ومعرفة مآخذها، هو داء قديم في هذا المغرب من أقصاه إلى أدناه بل كان داء عضالاً فيما هو أرقى من المغارب الثلاث وهو الأندلس (?).
وذلك لأن ابن عبد البر (493) يتعرض في كتابه المذكور للتعليم، ويذكر أن الغرض من المناظرات التي تقع بين جماعة السلف إنما هو فهم وجه الصواب والحقيقة، فيصار إليها، ومعرفة أصل القول وعليته فتقاس عليه نظائره وأمثلته، وعلى هذا الناس في كل بلد إلا عندنا وعند من سلك سبيلنا من أهل المغرب فإنهم لا يقيمون علة ولا يعرفون للقول وجهاً، وحسب أحدهم أن يقول: فيها رواية لفلان ورواية لفلان. ومن خالف الرواية التي لا يقف على معناها وأصلها وصحة وجهها، فكأنه خالف نص الكتاب وثابت السنة، وقد نصح الطالب بالرجوع إلى الأصول والعناية بها، والإعتماد على النظر والبحث والإجتهاد والإطلاع على مختلف المذاهب والآراء والإستعانة بها (?).
وأما أبو بكر بن العربي فقد وجه بدوره نقداً لاذعاً لحركة التعليم، ومناهج العلم، ورمى الأندلسيين بالتقليد، وبين الأسباب السياسية والإجتماعية التي جعلتهم ينحدرون إلى الفروع دون ربطها بأصولها، مما أدّى بهم إلى الجمود، والتقليد، وهذا ما جعل ابن باديس يقرر