من النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ليم عليه فعرض له هو به، وخوفه من أن يقصر معه مثل ذلك التقصير فيلام عليه مثل ذلك اللوم. كبرت كلمة والله خرجت من فيِّ هذا المغرور المسكين، ولا حول ولا قوة إلا بالله ولا توفيق إلا به. فإن قلت هذه قصة جاءت في القرآن وخبر ذكره الله تعالى. قلنا فالجواب عن ذلك ما قاله الإمام الحافظ خزانة العلم وقطب المغرب أبو بكر بن العربي في سورة "ص" من كتاب الأحكام. قال: للمولى أن يذكر ما شاء من أخبار عبيده ويستر ويفضح ويعفو ويأخذ، وليس للعبد أن ينبز في مولاه بما يوجب عليه اللوم، فكيف بما عليه في الأدب والحد، وأن الله تعالى قد قال في كتابه لعباده في بر الوالدين: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} فكيف بما زاد عليه، فما ظنك بالأنبياء وحقهم أعظم، وحرمتهم آكد، وأنتم تغمسون ألسنتكم في أعراضهم، ولو قررتم في أنفسكم حرمتهم لما ذكرتم قصتهم، اهـ. وما بعد هذا البيان بيان، وأن هذا الكلام لكاف وحده عند اللبيب المنصف في جواب ما تقدم من السؤال، ومن عقائد الإيمان مما يجب علينا في حق الأنبياء والمرسلين- عليهم الصلاة والسلام- أن لا نخاطبهم بما خاطبهم الله تعالى به ولا نذكر في كلامنا شيئا مما عوتبوا عليه لا بالتلويح ولا بالتصريح إلا بحكاية لفظ القرآن والحديث، وأما الله تعالى فإنه يخاطبهم بما شاء، لأنهم عباده وصفوته من خلقه، لهم من كمال المعرفة به ما ليس لغيرهم، وله عليهم من الفضل العظيم ما لا مطمع فيه لسواهم، وأما نحن فموقفنا معهم موقف العبيد مع السادة، فيجب علينا معهم اعتقاد الحرمة، واكبار الجانب، ولزوم الأدب، في الأقوال والأفعال، وجميع الأحوال ولا يجوز لنا ونحن خدامهم وأتباعهم أن نذكرهم أو نخاطبهم بما خاطبهم بهم ربهم ومالكهم، فما أبعدنا والله عن ذلك المقام، وقد ذكر هذه العقيدة الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي في كتبه منها قوله في سورة